تحميلات المصحف بكل صيغه

تحميلات

صفة صلاة النبي{ص}تحقيق الشيخ الألباني

صفة صلاة النبي{ص}تحقيق الشيخ الألباني

https://alnukhbhtattalak.blogspot.com/ صفة صلاة النبي{ص}

الجمعة، 22 أبريل 2022

فضول الجوارح -دار الطرفين المؤلف خالد بن محمد عطية

 

فضول الجوارح -دار الطرفين -خالد بن محمد عطية
 -------

صلي الله عليه وسلم= r:

-------


قال تعالى:

﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾

وقال صلي الله عليه وسلم= r: «من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة» [رواه البخاري].


بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

الحمد لله رب العالمين، خالق الإنسان من طين - سبحانه - خلقه من ماء مهين؛ ليبين مقدار الخلق، فلا يفخر أحد على أحد، بل يرعوي ويستكين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، بيَّن لنا طريقي الخير والشر والحق والباطل، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله r، صاحب خير هدي وأفضل خلق، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأتباعه إلى يوم الدين، ثم أما بعد:

أعلم أخي المسلم - يا رعاك الله - أن الله تعالى قد خلقك في أحسن تقويم، وقد زوّدك بجوارح وحواس، القصد منها إعمالها في الخير لا في الشر، وهي جوارح تعتبر كسلاح ذي حدين، فكل جارحة منها قد تستخدم في الخير وقد تستخدم في الشر، فاحمد الله تعالى أخي على أن فضلك على غيرك، وجعلك كامل الحواس، ولم يبتليك بنقص خَلْقي في شيء منها، ثم تذكر دوما نعمة الله تعالى تلك عليك، فلا تستعمل جوارحك في المعاصي والذنوب وفيما يغضب الله تعالى عليك، بل حاول الاستفادة مما سخّر الله تعالى لك من جوارح وحواس، ولتكن مفتاحا لك وطريقا يوصلك إلى النجاة.

وسنتذاكر من خلال هذه الرسالة البسيطة فضول أربع جوارح؛ هي فضول النظر والسمع والكلام والفكر.

أسأل الله تعالى أن يكفينا شرور أبصارنا وأسماعنا وألسنتنا وأفكارنا، وأن يمتعنا بها في الدنيا بما أحله لنا وأباحه، وأن يجنِّبنا العصيان بها، هو ولي ذلك والقادر عليه سبحانه.

المؤلف

مكة المكرمة 3/11/1425هـ

جوال: 0504799511

ص ب:4382


فضول الجوارح

كلمة فضول في اللغة تعني الشيء الزائد عن الحد، والمرء إذا تدخل فيما لا يعنيه يسمى فضولي؛ لأنه خرج عن الحد وتدخل في حدود غيره، أما كلمة جوارح فيقصد بها الحواس التي من خلالها يتعامل المرء مع غيره؛ كالسمع والبصر واللسان.

وكل شيء خلقه الله تعالى في البدء خلقه للخير، فإذا زاد عن حده انقلب إلى ضده فينشأ عنه الشر.

فالجوارح خلقها الله تعالى ليُعْمِلها المرء في الخير وفيما يرضيه سبحانه، فيتبلغ بها المرء في حياته الدنيا، لا أن يستعملها في الشر وفيما يغضبه عز وجل.

إذن، فالمقصود بفضول الجوارح هو أن يستعمل المسلم جوارحه في الحرام وفيما زاد عن الأصل المطلوب - ألا وهو استعمالها في الخير - كأن ينظر للحرام، أو يستمع للحرام، أو يتكلم بالحرام، أو يفكر في الحرام.

إذ الواجب على المسلم أن يتقي الله تعالى في كل أوقاته، وأن يجعل أمام ناظريه عظمة الله تعالى وجلاله، وأن يستذكر الموت دوماً؛ لأن من استحضر عظمة الله تعالى واستذكر الموت منعه ذلك عن العصيان، وكبح جماح نفسه عن الذنوب والآثام والتمادي فيها.

والتقوى في القول أمر سهل ولكنه في الفعل من أصعب الأمور، وحقيقة التقوى هي أن يجعل العبد بينه وبين حدود الله تعالى وعذابه وقاية، وذلك لا يستقيم للمرء حتى يحفظ الرأس وما وعي وجوارحه عن الفضول؛ فلا ينظر إلى ما لا يعنيه، ولا يسمع ولا يستمع لما لا يعنيه، ولا يتكلم فيما لا نفع منه، ولا يفكر فيما لا يعنيه، ولنتذكر دوما قوله r في ترك الفضول: «من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه» [الترمذي وأحمد ومالك وابن ماجة].

وكم من شخص نظر إلى ما لا يعنيه فتعلق قلبه بذلك فضلَّ وربما هلك، وكم من شخص استمع إلى ما لا يعنيه فتعلق قلبه بذلك فضل وربما هلك، وكم من شخص تكلم بكلمة أهلكته وأوبقته، وكم من شخص فكر وتفكر فيما لا يعنيه فضلَّ وربما هلك.

وكل فضول - حقيقة - لا يعود على المرء بأي نفع، بل ربما عاد عليه بهلاك ومَضرّة وفتنة ومَضلَّة وويلات، وربما عاد عليه بما يودي بحياته إلى الهاوية والعياذ بالله تعالى.

ولذلك فالواجب على الإنسان أن يحفظ جوارحه، ولا سيما سمعه وبصره ولسانه وفكره عن الخوض والتخوض في أي شيء ليس منه أي مصلحة تعود عليه، فعن أبي سعيد الخدري قال: قال r: «إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تُكفِّر اللسان، فتقول: اتق الله فينا فإنما نحن بك؛ فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا» [الترمذي وأحمد والدرامي].

فضول النظر

نعمة النظر أخي المسلم تعتبر من أكبر حواس وجوارح الإنسان التي منَّ الله بها على العبد، وهي نعمة لا يعرف حقيقة قدرها إلا من حُرِمَها، والحمد لله على نعمة البصر، والحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به كثيراً من العالمين، وفضَّلنا على كثير ممن خلق تفضيلا.

والممعن النظر بعين بصيرته يعلم أن نعمة النظر لا تُقدَّر بثمن، وقد جعلها الله تعالى ليتمتع بها الإنسان بما يرى في هذا الكون الفسيح، فيتفكر فيما حوله من ملكوت الله تعالى، ويعرف قيمة هذه النعمة العظيمة، ولذلك فالواجب استعمال هذه النعمة فيما يرضى الله تعالى لا فيما يغضبه ويسخطه سبحانه، ولذلك كان من دعائه r: «وأن يكون نظري عِبرة» أي كلما نظرت لشيء اعتبرت به فأزداد إيمانا ويقينا وقربا منك يا رب.

ويجب أن تعلم أخي المسلم أن النظر يُعد من أقوى الأسباب التي تجعل قلب المرء يتعلق بما يرى، ولذا فالعاقل هو الذي لا يطلق لنظره العنان لينظر لكل ما يرى، فقد يتعلق قلبه بشيء يهلكه، فالعين كما قيل: بحر ولا تشبع من النظر، وفي الحديث: «...ولا يملأ عين ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب» [متفق عليه].

ولذلك فقد حذر r من عاقبة النظر ومن مهالكه، ولا سيما النظر للحرام ولما فيه معصية، فالقلب سريعاً ما يتعلق بما يرى ويشاهد، قال رسول الله r: «إن النظرة سهم من سهام إبليس مسموم، من تركها مخافتي أبدلته إيمانا يجد حلاوته في قلبه» [الحاكم، والطبراني في الكبير].

والنظر المحرم لا يشك شاكٌّ في كونه مذلة ومهانة للشخص، وهو مما يجعل المسلم عبد للشيء، فالإنسان إذا نظر لشيء وتعلق قلبه به صار عبدا له، وتجده يهيم بفكره فيما نظر إليه، ويبني أفكارا على أفكار، كلها هراء وضروب من نسج الخيال.

والنظر المحرم له صور كثيرة؛ يتصدر ذلك النظر للنساء ومفاتنهن، وتتبع عوراتهن ومفاتن أجسادهن والتلذذ بذلك، سواء كان عيانا أو من خلال الصور والمجلات الخليعة، أو من خلال التلفاز والقنوات الفضائية، والتي للأسف تعرض النساء في أبهى حلة وأزهى لباس لشدِّ انتباه المشاهد، يأتي بعد ذلك النظر للصبيان المُلحاء والمردان من الرجال، ولا سيما المخنثين منهم، وإعادة النظر لعوراتهم والتلذذ بذلك، ولك أن ترى الكثير مما يُعرض في التلفاز من عورات في الملاعب والحلبات والمسلسلات، والتي تُظهر الرجال ولا سيما الشباب والغلمان بلباس ضيق فاضح، وبألوان زاهية وكأنهم فتيات، هذا فضلا عن عرض الفتيات في صور فاضحة مخجلة.

ومن صور النظر المحرم أيضا نظر النساء للرجال، وما ينتج عنه من مفاسد، فالمرأة قد تنظر لغير زوجها فتزدري زوجها، وهذا أمر في غاية القبح، قال r: «إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة؛ فزنا العين النظر، وزنا اللسان المنطق، والنفس تتمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك كله أو يكذبه» [متفق عليه].

والنظر للنساء وبالأخص من قبل الرجال المتزوجين قد يورث عدم الرضا بالزوجة، فقد يزدري الرجل زوجته ويتنكر لها لما يرى من عجائب النساء وحسنهن مما لا يرى في زوجته فيتحسر على ذلك، وقد يطلق نظره ليرى محاسن هذه وتلك من النساء ليعوض النقص الذي لا يجده في زوجته، وقد يتطور الوضع فيضيع بيته لمجرد تعلق قلبه بأوهام لا حقيقة لها.

وعموما فالتلفاز والفيديو والقنوات الفضائية وكل أدوات الاتصال هي آلات تستخدم في الضرر في معظم الأحوال، والقلة من الناس من ينتفع منها وبها وبما يعرض فيها، وجُلُّ الذي يعرض فيها يُعد من الغث الذي لا منفعة منه، بل وفوق كل ذلك يشغل وقت الناس ويقتله ويضيعه بلا فائدة، وأكثرية الناس يتأثر بما يشاهد ويُعرض من خلالها، فيحاكي ذلك بلا شعور منه، ولا سيما الأطفال والنساء سريعي التأثر والتقليد.

ومن صور النظر المحرم أيضا النظر لكتب الضلال والفرق المنحرفة ذات العقائد الفاسدة، وكذلك النظر لكتب أهل المنكر والفسق؛ ككتب السحر والشعوذة، وكم من أناس كثير دفعهم حب الفضول والاستطلاع لتلك الكتب وقراءتها إلى الهلاك والضلال والعياذ بالله، لذا فاحفظ جارحتك يا أخي ولا تعص الله تعالى بها.

ومن صور النظر المحرم النظر للمارة في الطريق، وكأن الجالس فيه رقيب على الناس يلحظ هذا ويرقب ذاك، قال r: «إياكم والجلوس بالطرقات» قالوا: يا رسول الله، ما لنا بد من مجالسنا نتحدث فيها، قال رسول الله r: «إذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه» قالوا: وما حقه؟ قال: «غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر» [متفق عليه]، إذن فكل نظر ليس منه فائدة فالأولى غض البصر عنه.

عواقب النظر:

والمرء أخي المسلم مبتلى في كل حياته، وقد يقدر الله تعالى عليه أن يقع بصره على ما لا يرضيه سبحانه كعورات الناس، والواجب هنا هو صرف المسلم بصره عما شاهد من تلك الأمور، لأن فيها هتك أستار وكشف عورات لا ينبغي التطلع عليها، عن جرير بن عبد الله قال: سألت رسول الله r عن: نظر الفجاءة، فأمرني أن أصرف بصري. [مسلم]،

وقال r: «من رأى عورة فسترها كان كمن أحيا موؤدة» [أبو داود، والنسائي في الكبرى، وأحمد والحاكم]، وقال r: «من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة، ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته» [ابن ماجة وأحمد والحاكم].

ولذلك فلا ينبغي على المسلم أن يُتْبِع النظرة النظرة لما فيها من تجنٍ وإصرار يعود على الفرد بالمعصية والخسران والوبال، وكم من شخص أصر على النظر للحرام فعاقبه الله تعالى بالحرمان من الخير وإدمان الحرام، قال رسول الله r لعلى: «يا علي، لا تتبع النظرة النظرة؛ فإن لك الأولى وليست لك الآخرة» [أبو داود والترمذي وأحمد والدارمي]، فالنظرة الأولى لك لأنك لم تقصدها، أما النظرة الثانية فليست لك لأنك تقصدها، فلا تحدق البصر ولا تمعن النظر ولا تنظر وتنظر وكأنك نهمان، قال الشاعر:

لا تتبع النفس الهوى

 

ودع التعرض للمحن

إبليس حي لم يمت

 

والعين باب للفتن

وذلك صحيح، فالعين باب الفتن الذي من خلاله تمر الضلالات والشهوات وعوالق القلب إلى القلب، فقد تستقر فيه وتتشربه فيصبح القلب عبدا لها.

قصة في النظر:

يُروى عن السلف أن شابا في مقتبل العمر كانت تظهر عليه آثار التدين والصلاح وكان مؤذنا في مسجد، وكان الإمام قد أوصاه ألا يلتفت يمينا وشمالا أثناء الأذان، وكان للشيخ مغزى من ذلك القول، ولكن الفتى لم يستمع لكلامه ولم يفطن لما قيل له.

وبينما الشاب يؤذن في يوم من الأيام إذ التفت عند قوله (حي على الصلاة) فرأى بنتا من أجمل البنات على سطح البيت المجاور للمسجد، ففتن بها وتعلق قلبه بها، فقطع الأذان مباشرة ونزل إلى ذلك البيت وطرق الباب، وبلا وعي ولا إدراك وبدون أي مقدمات طلب من الفتاة الزواج، فقالت: أطلب ذلك من أبي، فلما جاء الأب طلب الشاب منه الزواج من ابنته فقال الأب: أنت مسلم ونحن قوم نصارى، فإن تنصرت زوجناك، فما كان من الشاب وبدون وعي ولا أدنى تفكير إلا أن كفر وتنصر لكي يزوجه الرجل من ابنته تلك، ولكن الموت فاجأه قبل أن ينعم بها، ومات كافرا والعياذ بالله تعالى.

فانظر أخي المسلم كيف أن النظر قد يورث الشقاء والهلكة والعياذ بالله، واحذر مقت الله تعالى، فقد يمقتك وأنت تنظر للحرام وتتلذذ به، أو وأنت تستهزئ وتسخر فلا يغفر لك أبدا، وربما كتب عليك الشقاء أبدا، نسأل الله السلامة، واعلم أن العرب كانت تقول: (رب نظرة أعقبت حسرات).


فضول السمع

نعمة السمع أخي المسلم نعمة كبيرة من نعم الله تعالى على العبد، لا يعرف قيمتها حقيقة إلا من حُرمها، ونعمة السمع قد قدّمها سبحانه وتعالى في القرآن الكريم في مواضع كثيرة على نعمة البصر، وذلك يوضح مدى فضل هذه النعمة، كقوله تعالى في عدة آيات: ﴿ إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾، فالحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به كثيرا من العالمين وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلاً، والله سبحانه وتعالى منحنا هذه النعمة لنستعملها فيما يرضيه عنا؛ فلا نسمع إلا ما يرضيه لا ما يسخطه ويغضبه.

والسمع مجاله واسع، ولذا فالواجب على المسلم ألا يعطي أذنه لكل أحد؛ فيصدق كل ما يسمع، وما ينشر وما يروج؛ لأن ذلك يعني سذاجة منه وقلة وعي.

وكم من أشخاص صارت حياتهم مليئة بالمشاكل والمشاحنات؛ لأنه أعطى أذنه لكل أحد، فيسمع من هذا ويسمع من هذا دون أن يتأكد ويتثبت مما سمع.

والسمع المحرم له صور كثيرة؛ منها الاستماع لما يغضب الله تعالى كالغناء والموسيقى والتلذذ بسماعها، والمسلم إذا تعود سماع ذلك وانسجم معه ولا سيما بصوت مرتفع ومزعج قد يضايق ذلك غيره، وإذا ألفت نفسه ذلك وارتاحت لذلك الفعل فيتولد لديه - والعياذ بالله تعالى - الإعراض عن سماع القرآن الكريم والتلذذ به، ويأنف عن سماع الخير والنصائح والأشرطة النافعة المفيدة، فيجازيه الله تعالى بالحرمان من الخير ويعاقبه بحب الحرام وإدمانه.

ومن صور السمع المحرم الاستماع للغيبة والنميمة ونقل الكلام، والتكلم في أعراض الناس، ولوك سمعتهم، وما تحتويه المجالس من ذكر ذلك كله والتفكه به، حتى أن البعض لا يعجبه إلا ذكر الناس والانخراط في التقول فيهم وإبراز معائبهم وعثراتهم، ولا شغل له سوى ذلك العمل الرذيل والعياذ بالله تعالى، قال r: «أتدرون ما الغيبة؟ ذكرك أخاك بما يكره، فإن كان فيه فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته» [مسلم]، وبهته من البهتان وهو الافتراء الكذب.

وقال r: «لا يدخل الجنة قتَّات» [أصحاب السنن]، والقتات هو النمام، شبهه r كالذي يقتات على أعراض الناس.

ومن صور السماع المحرم الاستماع لأهل الباطل والشر، والرضا بما يقولون وعدم الاعتراض عليهم، وكذلك الاستماع للسب والشتم واللعن والقذف، وعدم الاكتراث بذلك وكأنه أمر لا يعنيه، وذلك خطأ، قال r: «ما من امرئ يخذل امرأ مسلماً في موضع تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرئ ينصر مسلما في موضع ينتقص فيه من عرضه وينتهك من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب نصرته» [أبو داود وأحمد].

وقال r: «من ذب عن لحم أخيه بالغيبة كان حقا على الله أن يعتقه من النار» [أحمد، والطبراني في الكبير، وأبو يعلي]، إذ الواجب على المسلم إذ سمع من يتكلم على غيره من الناس بسوء؛ ككذب عليه وبهتان أو غيبة له أو نميمة أو.. أو..، يجب عليه أن ينهاهم عن الخوض في ذلك وألا يُقرهم عليه في جلوسه معهم، فإن لم يستمعوا له فعليه أن يعتزل الجلوس معهم.

ومن صور الاستماع المحرم التجسس على الناس والتسمع لما يقولون والتصنت عليهم، وربما وهم لا يرغبون في استماعه لهم.

قال r: «... ومن استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون أو يفرون منه صب في أذنه الآنك يوم القيامة...» [البخاري]؛ والآنك هو الرصاص المذاب.

وقال r: «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا» [متفق عليه]، فالتجسس من أخبث الطبائع والعادات والعياذ بالله تعالى، وهو دليل على خبث النفس ولؤم الطباع وقلة الحياء، وهو أمر لا يرضاه أحد على نفسه فكيف يرضاه لغيره!

وعن زيد بن وهب قال: أُتىَ ابن مسعود فقيل: هذا فلان تقطر لحيته خمرا، فقال عبد الله: (إنا قد نُهينا عن التجسس، ولكن إن يظهر لنا شيء نأخذ به) [أبو داود والحاكم والبيهقي، والطبراني في الكبير].

ومن صور الاستماع المحرم الاستماع لأهل الحق والعلم، لا على سبيل التعلم والاستفادة منهم، بل على سبيل عد السقطات والهفوات وتتبع العثرات، ومن ثمَّ رميهم بها والانتقاص من قدرهم والتكلم في حقهم والعياذ بالله، وهذه تعد من أبشع صور السماع المحرم.

واعلم أخي المسلم أن سماع الحرام والباطل والإدمان عليه يميت القلب ويُقسِّيه، ويجعله لا يستشعر الحق ولا يستطيع أن يفرق بينه وبين الباطل، وربما يورث القلب الاشمئزاز من سماع الحق والخير والبر والنصح، ويأنف من ذلك كله، وقد يتطور الأمر فيصبح القلب منكوس الفطرة والعياذ بالله تعالى، وكل ذلك سببه الرضا بسماع الباطل وعدم الاعتراض عليه، إذ الواجب على المسلم إحقاق الحق وإزهاق الباطل متى سمع ذلك.

عواقب السمع:

المرء - أخي المسلم - مبتلى، وكل مسلم لا يسلم من البلاء على مر السنين، وقد يسمع من الناس ما لا يرضيه في سمعته أو في سمعة أهل بيته أو ذويه، والواجب عليه في كل الأحوال الصبر وعدم الاكتراث لما يحصل؛ لأنه ليس كل ما يقال صح خبره، إضافة إلى أن غالب ما يسمعه المرء لا يخلو من المبالغات وربما التجني على الغير، ولذا فعلى المسلم مقابلة ذلك كله بقلب كبير وصبر وحلم لا ينفذان، وحزم وثبات راسخين، وأجره عند الله تعالى كبير ولا يضيع، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ ﴾ [الحجرات: 6].

وقال r: «المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجرا من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم» [ابن ماجة وأحمد والبيهقي].

قصة في السمع:

يُروى أن شابا يافعا من طلبة العلم المثابرين الحريصين على تحصيل العلم الشرعي المحبين له- جلس يوما يستمع لشيخ من رؤوس الضلال والبدع، متعللا بأنه إنما يستمع له ليعرف مواضع الضلال منه فيتحرز منها ويرد عليه، ولم يكن لدى الشاب العلم الكافي الذي يُمكِّنه من معرفة الشبهات والقدرة على كشفها بعد.

وفي يوم من الأيام وبينما الشاب يسمع لشيخ الضلال ذلك إذ سمع منه مسألة في الاعتقاد، وشبهة حار عقله بها وتلبست عليه، فلم يعرف كيف يردها، ومنذ ذلك اليوم صار الشاب يتنقل بين العلماء والفقهاء، ينهل من علمهم، ويسألهم فيجيبوه، ويحاول أن يقنع نفسه بما يسمع منهم من الحق، ولكن قلب ذلك الشاب كان قد تشرب بتلك الشبهة، ولم يقتنع بجواب أي من أولئك العلماء، فما كان منه إلا أن ذهب لشيخ الضلال ذلك واعتنق مذهبه المنحرف، والذي أوصله ولا شك إلى الكفر، فمات على الضلال وهو يعتنق ذلك المذهب ويدين به والعياذ بالله تعالى.

فاحذر أخي المسلم من الاستماع لما لا ينفعك ولا فائدة منه، وكم من شخص مَقَتَه الله تعالى لسماعه شيء يغضبه سبحانه، فكتب الله تعالى عليه الشقاء إلى يوم يلقاه، واعلم أن العرب كانت تقول: (رب كلمة قالت لصاحبها دعني)، وكانت تقول: (فلان أذن) أي أنه سمّاع لكل ما يقال له بلا وعي ولا بصيرة.


فضول الكلام

اللسان هو العضلة التي يعبر بها الإنسان عما بداخله، ولذا فهو من أهم الجوارح التي توصل صاحبها إما إلى النجاة وإما إلى الهلكة، وكم من شخص تكلم بكلام أوبق به حياته، وكم من شخص تكلم بكلام كتب له به الرفعة والسؤدد، فاللسان كما قيل حصان، من صانه نجا وسلم، ومن ركب به كل علو سفل وخاب وخسر وهلك، ولذلك فالواجب على المرء ألا يتكلم بكلام هو يعلم حينها أنه لا فائدة منه، وأن الأولى في حقه حينها السكوت، قال r: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت...» [متفق عليه].

واللسان مهلكة غالبا، والشخص إذا تكلم بكلام من الصعب عليه أن يرده، وكما قيل فالإنسان يملك الكلمة ما لم يتكلم بها فإذا تكلم بها ملكته.

والإنسان إذا استشعر أن كلامه مُحصى عليه وأنه قد يهلك بسببه، أقلَّ الكلام ولم يستكثر منه، قال تعالى: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18].

وعن معاذ بن جبل قال: قلت: يا رسول الله، أنؤاخذ بكل ما نتكلم به؟ فقال r: «ثكلتك أمك يا معاذ بن جبل، وهل يكب الناس على مناخرهم في جهنم إلا حصائد ألسنتهم» [أحمد، والطبراني في الكبير].

والمرء قد تكتب له السعادة في الدنيا والآخرة بكلمة، وقد يكتب عليه الشقاء أيضا بكلمة والعياذ بالله تعالى، ولنتذكر قوله r: «إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوى بها في جهنم» [البخاري].

وقال r: «إن أحدكم ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن أحدكم ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه» [مالك والترمذي وأحمد]، فبكلمة قد تكتب للمرء النجاة والسعادة، وبكلمة قد يكتب على المرء الشقاء والتعاسة.

وآفات اللسان كثيرة لا تُحصى؛ كالكذب، والسب والشتم واللعن والقذف، وقول الزور، والتطاول في أعراض الناس، والاستهزاء بهم، والتقليل من شأنهم، وقول الباطل وإظهاره، وإخفاء الحق وإقصائه، والتحريش بين الناس، والتحريض، ونقل الكلام بينهم للإيقاع بهم، والغيبة بذكرهم بالسوء ورميهم بالنقيصة، والسعي بينهم بالنميمة، والغش والاحتيال والنفاق... والكثير غير ذلك من آفات اللسان.

ومن أقبح صور الكلام المحرم إطلاق العنان للسان للتكلم في أعراض الناس وتتبع عوراتهم وزلاتهم، قال r: «لا تؤذوا عباد الله، ولا تعيروهم، ولا تطلبوا عوراتهم؛ فإنه من طلب عورة أخيه المسلم طلب الله عورته حتى يفضحه في بيته» [أحمد].

وعن معاوية قال: سمعت رسول الله r يقول: «إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم» [أبو داود والبيهقي، والطبراني في الكبير]، والتكلم في أعراض الناس دليل على قلة الإيمان وضعف النفس والعقل، وهو نذير شؤم وهلكة؛ لما يتولد عنه من مشاكل وأحقاد في قلوب الناس.

عن ابن عمر قال: صعد رسول الله r المنبر فنادى بصوت رفيع فقال: «يا معشر من قد آمن بلسانه ولم يفض الإيمان على قلبه، لا تؤذوا المسلمين، ولا تعيروهم، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رَحلِه» [أبو داود والترمذي وأحمد].

ومن صور الكلام المحرم النهي عن المعروف والأمر بالمنكر، والإعانة على الظلم والعدوان، وإيقاع الناس في الفتن، وإذكاء الخصومات، قال r: «من أعان على خصومة بظلم فقد باء بغضب من الله» [أبو داود والترمذي].

وقال r: «من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله، ومن خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع عنه، ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال» [أبو داود والحاكم والبيهقي]؛ وردغة الخبال هي عصارة أهل النار.

وعن ابن عباس مرفوعا قال: قال r: «من أعان باطلا ليدحض بباطله حقا فقد برئت منه ذمة الله وذمة رسول الله r» [الحاكم، والطبراني في الكبير].

ومن صور الكلام الحرام نقل الأخبار والتكلم في كل شيء يسمعه المرء وكأنه وكالة أنباء متنقلة، يروج الأخبار ولا يتأكد من مدى صحتها، ومن كان شأنه ذلك فهو ولا شك واقع في الكذب لا محالة؛ لأن ليس كل ما يقال صحيح وصدق، قال r: «كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع» [مسلم].

وأعلم أخي المسلم أن كثرة الكلام تعني كثرة السقطات والأخطاء، فمن كثر كلامه كثرت أخطاؤه وزلاته، والمرء في حقيقة نفسه كثير الأخطاء والخلل والزلل لو كان يعلم ويعقل، والعاقل من حاسب نفسه وكف عن عيوب الناس، والجاهل من أشغل نفسه بعيوب الناس وترك عيوب نفسه، قال r: «لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فتقسوا قلوبكم، فإن القلب القاسي بعيد من الله ولكن لا تعلمون، ولا تنظروا في ذنوب الناس كأنكم أرباب، وانظروا في ذنوبكم كأنكم عبيد، فإنما الناس مبتلى ومعافى، فارحموا أهل البلاء، واحمدوا الله على العافية» [مالك والترمذي].

ولنتذكر قوله r لما سُئل: أي الناس أفضل؟ فقال: «كل مخموم القلب صدوق اللسان» قالوا: صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب؟ قال: «هو التقي النقي، لا إثم فيه ولا بغي، ولا غل ولا حسد» [ابن ماجة، والطبراني في الكبير].

ولنتذكر دعاءه r: «وأن يكون نطقي ذكرا» أي يكون ذكرك يا رب دوما على لساني، فإن نطقت فأنت أول منطقي ولن أتكلم بشيء تكرهه.

عواقب الكلام:

اعلم - أخي المسلم - أنه إذا لم يكن من الكلام فائدة فالأولى عندها السكوت، وكما قيل إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب، والأصل في الكلام هو التخاطب بلغة يفهمها الجميع بما ينفع الناس لا بما يُوَّلد بينهم الأحقاد والضغائن والفتن والقطيعة.

وكم من فتن ومشاكل بل وحروب قامت كان سببها اللسان، وكم من أسرة تشتت شملها وتفرق زوجيها بسبب اللسان، وكم من قطيعة حلت بين الأقارب كان سببها اللسان، وهكذا، فاللسان تأثيره أشد وأنكى من اليد والفعال في الكثير من الأحيان، وكما قال الشاعر:

يموت الفتى من عثرة بلسانه

 

وليس يموت الفتى من عثرة الرجل

فعثرته مِن فِيْهِ ترمي برأسه

 

وعثرته بالرجل تبرا على مهل

والمعنى أن الرجل إذا عثرت به رجله فسريعاً ما تبرأ، أما إن عثر لسانه فقد يوقعه ذلك في الموت والهلاك.

ولنتذكر قوله r لما ذكر الفتن آخر الزمان فقال r: «إنها ستكون فتنة تستنظف العرب، قتلاها في النار، اللسان فيها أشد من وقع السيف» [أبو داود وابن ماجة]، لأن اللسان حينئذ يجر إلى الفتن وإلى مهالك وخيمة علي الجميع.

قصة في الكلام:

يروى أن شابا من المتدينين والمعروفين بحسن خلقه كان يُعرفُ بكثرة كلامه، ولم تكن فيه خلة ذميمة سوى تلك، وكان كثيرا ما يقع في أعراض الناس رغم تدينه، وكانوا كثيرا ما يعفون عنه ويسامحونه.

وفي يوم من الأيام تعرض ذلك الشاب لشيخ كبير هرم مريض، فتكلم عليه وتهكم عليه وازدراه، فما كان من ذلك الشيخ إلا أن رفع يديه ودعا عليه قائلا: أسأل الله تعالى أن يبتليك بما ابتلاني به.

وبالفعل ما هي إلا أشهر وإذا بالشاب يبتليه الله تعالى بما قذف به ذلك الشيخ، فابتلاه الله تعالى بنفس المرض، فجزع الشاب جزعا شديدا ولم يصبر على ذلك البلاء، بل وأكثر من الاعتراض والتسخط، ولم يرض بالقضاء والقدر، ومات وهو على تلك الحالة والعياذ بالله تعالى.

ولذا فاحذر أخي المسلم من عاقبة التكلم في الناس وإطلاق لسانك ليمر على كل شيء، واعلم أن العرب كانت تقول: (إن البلاء موكل بالمنطق)؛ أي أن من تكلم بكلام ابتلاه الله به، ومن رمى الناس بالعيب ابتلاه الله تعالى به عقابا له، وقد علَّمنا رسول الله r الدعاء إذا رأى أحدنا المبتلى بقوله r: «من رأى مبتلى فقال: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا، لم يصبه ذلك البلاء» [الترمذي وابن ماجة].

فضول الفكر

يعتبر الفكر أساس العقل، فلا عقل من غير فكر وتفكير، والعقل هو أساس التكليف، ولا تكليف على من فقد عقله، والعقل هو مسرح الفكر، فالإنسان تسبح أفكاره في عقله وتجوب الخواطر فيه، وليس هناك حد للفكر، فالإنسان قد يفكر وتخطر بباله آلاف الأفكار والخواطر العقلانية واللاعقلانية، الصحيحة وغير الصحيحة، أفكار حسنة وأخرى مشينة، خواطر مفيدة وأخرى ضارة.

ولكن الشرع الإسلامي أمر المسلم أن يكون فكره وخاطره فيما يرضى الله تعالى، بحيث يستغل المسلم طاقته العقلية بما يعود عليه بالنفع والمصلحة.

والإنسان القوي العاقل هو الذي يملك فكره، فلا يسمح لعقله أن يفكر في كل شيء، ولا سيما الأفكار الضارة وغير المنضبطة، في حين أن الضعيف والجاهل والأحمق هو الذي لا يستطيع أن يقوم فكره، فتجده يفكر في كل شيء، ويسمح للخواطر من كل حدب وصوب أن تلعب به، قال r: «الكيِّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله» [الترمذي وابن ماجة وأحمد].

والحقيقة أن الإنسان مهما كان لا يستطيع أن يضبط فكره في اتجاه معين من التفكير، وحتما ستمر عليه أوقات تجده يفكر في كل شيء؛ لأنه يتأثر بكل شيء من حوله مما يرى ويسمع، ولكن العاقل والمؤمن هو الذي لا يستسلم ولا يسترسل في فكره، ولا سيما الفكر غير السليم، وهذا هو الفرق بين العالم والجاهل.

فالعاقل يفكر فيما يعود عليه بالمنفعة والمصلحة، حتى وإن فكر فيما سوى ذلك - مما يدور في الرأس من خواطر وأفكار قد تكون فارغة وغير هادفة - تجده سريعا ما يعود ويفطن، فلا يتأثر بها، ولا يضيع وقته فيما يسمى بأحلام اليقظة، قال r: «إذا تمنى أحدكم فلينظر ما يتمنى، فإنه لا يدري ما يكتب له من أمنيته» [أحمد، والبخاري في الأدب المفرد].

ومن دعاءه r: «وأن يكون صمتي فكراً» أي حين يصمت لساني يسبح فكري بذكرك يا رب.

والله تعالى قد حذرنا في محكم التنزيل من الاسترسال في الفكر والتسليم لذلك، وسماه عز وجل بخطوات الشيطان، فالإنسان إن استسلم لخواطره أيا كانت تجد أن الشيطان يستدرجه حتى يوقعه في الشر، وربما يُذكره بخير يسير ويحثه عليه ليوقعه في شر كبير.

ولذا فالواجب على المسلم أن يحذر من ذلك، فلا ينساق خلف أفكار وخواطر تسحبه رويدا حتى تجعله يقترف الحرام، فكثرة التفكير في المعاصي والمحرمات ومعاودة ذلك يُهوِّنها في عين المسلم ويُسهِّل عليه اقترافها.

ومن رحمة الله تعالى أنه عفا عن أمته حديث النفس، وأنه عز وجل قبل ذلك ستره على المرء، فكيف لو كشف عنا جميل ستره سبحانه! قال r: «إن الله عز وجل تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم به» [الجماعة]، ولذلك كان من دعاء الصالحين: الحمد الله الذي منَّ علينا بجميل ستره، ولم يفضحنا بسوء أعمالنا، ولا بما فيما أنفسنا. قال الشاعر:

وفي الناس شر لو بدا ما تعارفوا

 

ولكن كساه الله ثوب غطاء

والمعنى أن الله تعالى برحمته قد ستر علينا شرور أنفسنا ولم يفضحنا بإظهارها، وإلا لتنكر الناس لبعضهم عما بدى من شرور أنفسهم، والحمد لله على ذلك.


أحلام اليقظة

تعتبر أحلام اليقظة من أهم ظواهر فضول الفكر والتي يضيع فيها الكثير من الناس معظم أوقاته، بل وربما وجد فيها راحة نفسه مما لا يستطيع تحقيقه في عالم الواقع.

وحقيقة كلما ضعفت نفس الفرد كلما استغرق في أحلامه وأفكاره هربا من الواقع؛ لأنها تمثل له منفسا عما بداخل نفسه وما عجز عن تحقيقه.

والحقيقة أن أحلام اليقظة لا يكاد يخلو منها عقل بشري، ولكن ما كان من باب الهمم العالية والتصميم والتخطيط ورسم المستقبل فلا بأس به، بل هو شيء جميل ومطلوب، ولكن ما كان من باب قتل الوقت والتفكير العشوائي الذي لا حدود له، والذي قد يخرج عن حدود العقلانية إلى حدود الخيال والأماني الكاذبة وربما الشهوانية المجردة من القيم والضوابط- فلا يلجأ إليه غالباً إلا من ضعفت نفسه، وقصرت همته، وتقاعس عن التصميم، ولم تكن له قوة إرادة وعزيمة، فهو تائه في عالم الأحلام وإن لم يكن نام.


خطوات الشيطان

اعلم أخي المسلم أن الله تعالى قد حذرنا في كتابه العزيز عدة مرات من خطوات الشيطان، وتَتَبُّع ذلك والانسياق خلفه؛ لأن كثرة التفكير يجرُّ الإنسان إلى أمور لا تحمد عقباها، والشيطان يقذف في عقل الإنسان خوطر لا حصر لها كلها سيء، يأمره من خلالها بالمعاصي، ويمني نفسه ويحدثها بملذات كاذبة وشهوات فارغة، وهذه الخواطر ما تلبث وأن تصبح أفكار، والتي بدورها تتطور فتصبح أمان وآمال يتعلق بها قلب الإنسان، بل ويسعى لتحقيقها، وكل ذلك سببه الاسترسال في الأفكار، ولذا فقد حذر سبحانه وتعالى من تتبع خطوات الشيطان؛ لأنها توصل العبد إلى حيث الهلاك والدمار بل وإلى النار، نسأل الله السلامة.

قصة في خطوات الشيطان:

أعلم أخي أنه لا تؤمَن الفتنة على الحي مهما كان إيمانه ومهما بلغت درجته وعلمه، والعصمة لمن عصم الله تعالى، وكان السلف الصالح يقولون: لا عصمة للأحياء، إنما العصمة للأموات. أي من مات على التقى وختم له بخاتمة الخير فبه يكون الاقتداء، أما الأحياء فهم مُعرَّضون للفتنة وللابتلاء، نسأل الله تعالى السلامة، وسأورد قصة مشهورة ذكرها المفسرون عند تفسير قوله تعالى من سورة الحشر: ﴿كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ﴾ [الحشر: 16].

فعن ابن عباس قال: كان راهب من بني إسرائيل يعبد الله تعالى فيحسن عبادته، حتى أنه كان يُؤتى إليه من كل أرض فيُسأل عن الفقه، وكان عالما، وكان هناك ثلاثة إخوة، وكانت لهم أخت حسناء من أحسن النساء، وإنهم أرادوا أن يسافروا، وكبر عليهم أن يدعوها ضائعة، فقصدوا ذلك الراهب فقالوا: إنا نريد السفر، وإنا لا نجد أحدا أوثق في أنفسنا ولا آمن عندنا منك، فإن رأيت جعلنا أختنا عندك فإنها شديدة الوجع، فإن ماتت فقم عليها، وإن عاشت فأصلح إليها حتى نرجع، فقال الراهب: سأكفيكم إن شاء الله ذلك، فقام الراهب عليها فداواها حتى شفيت، وعاد إليها حسنها، وفي يوم من الأيام اطَّلع إليها فوجدها متصنعة متجملة، فأغواه الشيطان حتى وقع عليها وزنى بها، فحملت منه وظهر حملها، ثم إن الشيطان لم يكتف بذلك، بل أخذ يزين للراهب قتل الفتاة، ويخوفه إن لم يفعل ذلك افتضح أمره، فلم يزل الشيطان بالراهب يخوفه ويغويه حتى قتل الفتاة.

ولما عاد إخوة الفتاة سألوا الراهب عنها، فقال لهم إنها ماتت فدفنتها، فقالوا له: أحسنت، وتركوه وذهبوا، وبينما هم في طريقهم أخذهم النوم فناموا، فرأى جميعهم في المنام أن الراهب قد زنى بأختهم، وأنها قد حملت منه، ولما خشي الفضيحة قتلها، وأنه دفنها تحت شجرة كذا وكذا، فلما استيقظوا قصدوا الشجرة فوجودها كما في المنام، فعادوا إلى الراهب وسألوه، فاعترف، فأخذوه ليقتلوه، فجاءه الشيطان فقال له: أنا الذي زينت لك الزنى، وزينت لك قتلها، فهل لك أن تطيعني وأنجيك، قال الراهب: نعم، قال: فاسجد لي سجدة واحدة، فسجد له، فأُخذ الراهب فقتل، ومات كافرا والعياذ بالله، فذلك قوله تعالى: ﴿كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ﴾.

ويقال إن ذلك الراهب كان في فترة بني إسرائيل، وكان يقال له برصيصاً، وأنه قد تعبد في صومعته سبعين سنة، لم يعص الله فيها طرفة عين حتى أعيا إبليس، فجمع إبليس مردة الشياطين فقال: ألا أجد منكم من يكفيني أمر برصيصا؟ فقال الأبيض؛ وهو صاحب الأنبياء، وهو الذي قصد النبي r في صورة جبريل ليوسوس إليه على وجه الوحي، فجاء جبريل فدخل بينهما ثم دفعه بيده حتى وقع بأقصى الهند، فذلك قوله تعالى: ﴿ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ﴾ من سورة التكوير، فقال ذلك الشيطان صاحب الأنبياء لإبليس: أنا أكفيكه، فانطلق إلى ذلك الراهب، وتزيا له بزي الرهبان، وحلق وسط رأسه، حتى أتى صومعة برصيصاً، فناداه فلم يجبه، وكان لا ينفتل من صلاته إلا في كل عشرة أيام يوماً، وكان لا يفطر إلا في كل عشرة أيام، وكان يواصل العشرة أيام.

ومع ذلك فانظر أخي المسلم كيف أن الشيطان أخذ يوسوس لذلك الراهب ويغويه حتى زنى، ثم أغواه وخوَّفه حتى قتل، ولم يتركه، بل أغواه وخوَّفه حتى كفر والعياذ بالله، ولذلك فلا ينبغي على أحد أن يأمَن على نفسه غواية الشيطان الرجيم، ويَرْكَن على إيمانه وكأنه نبي مؤيَّد، ويعتقد لنفسه العصمة والثبات، بل عليه الحذر من تتبع خطوات الشيطان وتلبيسه وغوايته، نسأل الله تعالى بعزته وكرمة ومنّه العصمة والوقاية.

قال تعالى: ﴿ وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ ﴾ [المؤمنون:97، 98]، ولذلك كان من دعائه r: «اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم، وهمزه، ونفخه، ونفثه، قال: همزه الموتة، ونفثه الشعر، ونفخه الكبر» [ابن ماجة وأحمد والحاكم والبيهقي وغيرهم].


جميل ستر الله تعالى

اعلم أخي المسلم أن الذي يظهر لك من حسن خلق الكثير من الناس وجميل فعالهم، هو في الحقيقة جميل ستر الله تعالى على العباد المليئين بالعيوب والمعائب الخفية، والتي لو ظهرت للجميع لحقر بعضهم البعض.

فكل الناس ودون استثناء يُظهرون دوما أفضل ما عندهم من أخلاق وتعامل وكأنهم ليسوا بأصحاب عيوب، ويريدون أن يكونوا في أعين الناس أحسن الناس، بل ويريدون من الجميع أن يُثنوا عليهم ويمدحوهم ولو لم يحسنوا التصرف، في حين أن حال الكثير منهم إذا خلا بمحارم الله سبحانه انتهكها، وإذا ابتعد عن أعين الناس حيث لا رقيب إلا الله اقترف المعاصي والآثام، ونسي عين الله تعالى التي ترقبه وترصده، قال الشاعر:

وإذا خلوت بريبة في ظلمة

 

والنفس داعية إلى الطغيان
 

فاستحي من نظر الإله وقل لها

 

إن الذي خلق الظلام يراني

ولذلك فالمسلم الحق هو الذي يتقي الله تعالى في كل أحيانه حق التقوى، ويرقبه في السر والنجوى، فذلك غاية الصلاح وبه يكون الفلاح.

إذن فليس العبرة في القضية بما يُظهر الفرد من حسن الأفعال والأخلاق، ولا سيما أمام من لا يعرفه من الناس ليستحسنوا منه فعاله ويستظرفونه، وإنما العبرة بما يبطن العبد بينه وبين ربه تعالى وبما استقرت عليه سريرته، ولذلك فقد كان السلف يقولون:

- من كان باطنه وظاهره في الخير سواء فذلك الصالح.

- من كان باطنه خير من ظاهره فذلك التقي.

- ومن كان ظاهره خير من باطنه فذلك المنافق.

- ومن كان باطنه وظاهره في الشر سواء فذلك الشرير.

- ومن كان باطنه شر من ظاهره فذلك الشقي.

- ومن كان ظاهره شر من باطنه فذلك القبيح.

فانظر أخي من أي الأصناف أنت، واحكم على نفسك، وتذكر مقولة: (لا يغرنك جهل الناس بك علمك بنفسك)، فالناس يحكمون عليك بما يرون منك عياناً، وقد تكون الطوية على غير السوية.


مجاهدة النفس

تعتبر مجاهدة النفس من أصعب الأمور التي تواجه الإنسان في حياته الدنيا إطلاقاً، والحقيقة أن أصل الحياة الدنيا مبنية على مجاهدة المسلم لنفسه، وكبحه جماح شهواتها وشبهاتها، وتهذيب سلوكها وتقويم طريقتها، ومعالجة إصرارها، ودوام أطرها على الحق، والبعد بها عن كل أسباب الشرور والفساد والفسوق.

والناس عموما يختلفون في تقويم نفوسهم ومجاهدتها؛ فمنهم قوي الإرادة الذي يملك نفسه ولا تملكه، فهو يسعى بها دوما لما فيه الرفعة والصلاح، ومنهم مسلوب الإرادة؛ من تملكه نفسه ولا يملكها، فهي تسعى به إلى حيث راحتها وتلبية شهواتها وملذاتها، ومنهم ما بين وبين ممن هو في صراع مع نفسه، فتارة يملكها وتارة تملكه.

وإصلاح النفس ومعالجة المسلم لذلك يحتاج لجهد كبير ليس بالهين، وقد يستغرق ذلك سنين حتى تستقيم النفس فلا تأمر صاحبها إلا بالخير، قال أحد السلف: (مكثت أربعين سنة أُقوِّم نفسي على الخير حتى استقامت)، اللهم انصرنا على أنفسنا يا أرحم الراحمين.


العلاج من فضول الجوارح

اعلم أخي المسلم أن العلاج من تلك الآفات المهلكة من فضول النظر والسمع والكلام والفكر يكون بتوفيق الله تعالى أولا ثم بقوة إيمان المسلم، وفي نفس الوقت على المسلم الإخلاص لله تعالى في كل أفعاله، وأن يتيقن بالجزاء والحساب فلا يغفل عن ذلك.

وهناك أمور تساعدك أخي المسلم وتعينك على أن تقلع عن تلك العادات من فضول الجوارح، منها:

1- استحضار عظمة الله تعالى، وأنه رقيب على الناس شهيد عليهم حسيب لهم، فلا تتغافل أخي ولا تتمادى حتى لا يمقتك الله تعالى في موضع منها، حتى وإن زلّت قدمك في يوم من الأيام وتجرأت على أمر منها فأقلع سريعا ولا تتمادى، ففي ذلك خطر كبير، وهلاك للنفس ومرض للقلب والعياذ بالله تعالى.

2- تذكر الموت دوما، فهادم اللذات ومفرق الجماعات يجعل الإنسان يزدري كل مفاتن الدنيا وزينتها.

3- ازهد في الدنيا واقنع بما كتب الله تعالى لك، ولا تتطلع إلى ما لا تملك وليس في مقدورك الحصول عليه أو الوصول إليه.

4- أعلم أن ترك ما لا يعني من أهم ما يريح النفس ويجعلها تسمو في عالم الصفاء، وأن التدخل فيما لا يعني يجر على النفس القلق والحسرات، ويجعلها تتعلق بأمور وأوهام لا حقيقة لها إلا في نسج خيال الشخص، فقد يعيش أوقاتا كثيرة مع وهم يحسبه حقيقة، وما أن يصحو منه حتى يكون قد فاته الكثير، وكل ذلك سببه فضول نظر أو فضول سمع أو فضول كلام أو فضول فكر، واعلم أن القلب إذا تعلق بشيء أصابه الوهن وفقد الصفاء والحيوية.

5- تذكر أن لكل إنسان خصوصية لا يحب من أحد التطلع عليها ولا كشفها، لا بنظر ولا بسمع ولا بكلام ولا بفكر، فكما تحب ذلك لنفسك يا أخي فأحبه لغيرك.

6- تذكر أخي أن جوارحك التي تسعى لراحتك في الدنيا ستشهد عليك في الآخرة، وستكون سبب إهلاكك، وستتبرأ منك، تذكر ذلك دوما ولا تنساه أبدا، عن أنس بن مالك قال: كنا عند رسول الله r فضحك فقال: «هل تدرون مم أضحك؟» قال: قلنا الله ورسوله أعلم! قال: «من مخاطبة العبد ربه؛ يقول: يا رب، ألم تجرني من الظلم؟ قال: يقول: بلى، قال: فيقول: فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهدا مني، قال: فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيداً، وبالكرام الكاتبين شهودا، قال: فيُختم على فيه، فيقال لأركانه: انطقي، قال: فتنطق بأعماله، قال: ثم يُخلّى بينه وبين الكلام، قال: فيقول: بُعدا لكنَّ وسحقا، فعنكن كنت أناضل» [مسلم].

7- تذكر أن الله تعالى قد وهبك هذه الجوارح لتستعملها فيما يرضيه لا فيما يسخطه عز وجل، وهو قادر سبحانه وتعالى في أي وقت وأنت في أوج فرحك وسرورك أن يسلبك أحدها، فيجعلك تندم وتتحسر وتنقلب حياتك ترح بعد فرح وحزن بعد سرور، وتتمنى حينها لو أن صحتك تعود كما كانت، ولكن هيهات ذلك بعد فوات الأوان وضياع الفرص.


الخاتمة

تذكر أخي المسلم في ختام هذه الموعظة أمرين هامين واجعلهما نصب عينيك دوماً:

- الأول: لا يغب عنك حال من حُرِمَ هذه الحواس أو أحدها، وتَفَكَّر أنت في نفسك، كيف قضى أولئك حياتهم الشاقة رغم نقص حواسهم وأنت تنعم بتمام حواسك! تفكّر واتّعظ!

- والثاني: كم من أشخاص سليمي الحواس هلكوا بها، وكانت حواسهم سببا في هلاكهم؛ لأنهم استعملوها في الحرام والمعاصي، فهي تشهد عليهم يوم القيامة بما اقترفوا بها وتلذذوا بها من محرمات.

وكم من معاقين ناقصي الحواس محروميها كتبت لهم النجاة، فحرمانهم منها في الدنيا هيأ لهم النجاة في الآخرة؛ لأنهم لن يُحاسبوا على ما لم يعطوا... فسبحان الله العظيم!

تم بحمد الله تعالى وتوفيقه



الفهرس
المقدمة
6
فضول الجوارح
8
فضول النظر
10
فضول السمع
16
فضول الكلام
22
فضول الفكر
28
أحلام اليقظة
31
خطوات الشيطان
32
جميل ستر الله تعالى
36
مجاهدة النفس
38
العلاج من فضول الجوارح
39
الخاتمة
42  

===========

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تعَرَّف على الإســلام د. منقذ بن محمود السقار

هدية إلى كل باحث عن الحق من غير المسلمين تعَرَّف على الإســلام د. منقذ بن محمود السقار مقدمة الحمد لله والصلاة والسلام على رسل ا...